نقلا عن کتاب «عبدالبهاء و البهائیة» لسلیم قبعین، ص 128.
»هو الله«
حمدا لمن أشرق أنواره. و انکشف أسراره. و شاع و ذاع آثاره و استمرت فیوضاته و دامت تجلیاته من الأزل الی الأبد لابدایة لها و لا النهایة. و التحیة و الثناء علی الکلمة الجامعة و الحقیقة الساطعة دیباج الکتاب الوجود و فصل الخطاب فی اللوح المحفوظ و الرق المنشور من أسس هذا البنیان العظیم و رفع العلم المبین یتموج فی الأوج الأعلی و الذروة العلیاء الهادی الی الصراط المستقیم و الدال الی المنهج القویم فاهتز بذکره یثرب و سالت البطحاء. نبی الرحمة و کاشف الغمة و ما حی ظلام الضلال فأشرقت الأرض بنور ربها.
خاتم النبیین المخاطب و ما أرسلناک الا رحمة للعالمین علیه التحیة و الثناء الی أبد الآبدین.
و بعد أیها النحریر الجلیل و الفاضل النبیل انی رتلت آیات حبک فی کتابک المبین و ذقت حلاوة تلک العبارات بأدق المعانی الناطقة بما یختلج فی القلوب من عواطف الوفاء و صدق الولاء فانشرح بها صدور المخلصین و انجذب بها قلوب الموحدین فاستحکم بها روابط الوثوق التی لا انفصام لها. و تلک الروابط هو استغراق القلوب فی عین الیقین و الخلوص فی الدین و التعطش الی حق الیقین فی زمن أحاط الغبار المثار البصائر و الأبصار و لم یبق من الدین الا التقالید التی ما أنزل الله بها من سلطان و زلزلت الأرض زلزالها و تزعزعت أرکان الشریعة السمحة البیضاء و اتخذوا هذا القرآن مهجورا.
أین النشئة الأولی. أین العروج الی أوج العلا. أین السعادة الکبری. أین الظهور علی الدین کله (فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة و اتبعوا الشهوات) و هذه من سنة الکون و لن تجد لسنته تبدیلا لأن کل شیء ما سوی الله یعتریه الفتور و یتغیر بمرور القرون و العصور. ما عدا فیض الرب الغفور المستمر علی ممر الأعصار و الدهور (و قالت الیهود ید الله مغلولة غلت أیدیهم) فتری الآن أن الشمس قد کورت و الکواکب انتثرت و آفاق الوجود أظلمت و وقعت الأمة فی سبات شدید. غریقة فی
غمار بحار التقلید. نسأل الله أن یبلج صبح الهدی و یجدد الحیاة بنفخة أخری حتی یرجع الفروع الی الأصول. و یتبدل الهبوط بالصعود. و ینتعش به العظم الرمیم و یحیی به من الموت الألیم (أو کالذی مر علی قریة) و کانت الأمة قبلا تقلد العلماء الصالحین و أصبحت الآن تقلد المارقین. ان هذا لکفران مبین لا تصلح أواخر هذه الأمة الا بما صلح به أوائلها (من یهده (1) الله فهو المهتد. و من یضلل فلن تجد له ولیا مرشدا(. (ربنا اننا سمعنا منادیا ینادی للایمان أن أمنوا بربکم فآمنا) و علیک التحیة و الثناء.
الداعی عباس (2).
1) الصحیح (من یهد) – الکهف 17.
2) هنا فی مخاطبة شیخ الأزهر جعل اسمه «عباس» و لیس الاسم الذی یستخدمه عادة «عبدالبهاء» أو «عبدالبهاء عباس«.