استنکر العباس تدخل المرزه آقاجان الکاشانی و أغاظه عمله الذی هدم ما کان یتمناه و یطمح الیه، فأرجعه ضربا و طرده من بیته حافی القدمین عاری الرأس» (1).
»و استولی علی ترکته و أمواله و سلب منه کل ما کان یملک و أخیرا و بعد توهینه
و تذلیله أو عز بقتله فقتل سنة 1897 م» (2).
فالمجرم المستتر وراء التعلیمات العذبة الخلابة و الدعاوی الکبیرة الفارغة کانت حقیقته هذه، التی لم یکشف النقاب عنها أحد من المخالفین و الأعداء، بل أظهرها و جهر بها البهائیون أنفسهم، و المستشرقون الناقمون علی الاسلام و المبطنون الحقد و البغض علی المسلمین، و فی نفس الوقت الموالون و المحبون للبابیة و البهائیة.
حتی المستشرق الانکلیزی براؤن استغرب و استنکر هذا حتی قال:
»و هذه التفرقة و الحقد و الحرب و الجدال ترکت فی نفسی أثرا سیئا بعد ما کنت أظن بأنهم مثل للوداعة و الحب و الحنان و الشفقة و الرحمة، و لکم سألت من أصدقائی البهائیین أین ذهبت تعلیمات البهائیة الأولی التی کانت جزءا ملازما للعقیدة البهائیة و أین ذهبت النصوص الالهیة من قبیل «عاشروا مع الأدیان بالروح و الریحان» و الناس أغصان لشجرة واحدة و أوراق لغصن واحد و غیر ذلک فأین المعاشرة مع أهل الأدیان الأخری مع عمله العدائی و قسوته و ظلمه بأسرته نفسه» (3).
و هذا مع أن العباس نفسه یقول:
»ان الدین الالهی یجمع القلوب المتفرقة و یزیل المنازعات و الحروب عن وجه البسیطة… و لو یکون الدین سببا للعداء و البغضاء و الانقسام فعدم الدین أولی و ترک مثل هذا الدین هو الحق لأن الدین هو الدواء و الغرض من الدواء هو الشفاء فاذا کان الدواء سببا لازدیاد المرض فالأولی ترکه، فأی دین لا یکون سببا للمحبة و الاتحاد فانه لیس بدین» (4).
فماذا تقول أیها العباس! أدینک هو دین الذی یأمرک بقتل المخالفین و طرد الأخوة الحقیقیین و خطف أرامل المقربین و شتم المنازعین؟
و ماذا یقول المنصفون من البهائیة علی أعماله و حرکاته العدائیة الجنونیة؟
ثم و هو الذی طلع علی منبر الخطابة و بدأ ینصح الآخرین قائلا:
»منذ بدایة التاریخ الی الآن قامت ملل کثیرة تکفر بعضها البعض و تحاربوا بکل شدة وعداء، فانظر الی تاریخ الحروب الدینیة العظیمة أنها کانت أحیانا تطول أمدا کبیرا فالحروب الصلیبیة دامت نحوا من مائتی سنة… فسبب المذهب البروتستانی و ما حصل من الجدال و الخلاف بین و بین الکائولیک قتل کثیر و أسر کثیر، کل ذلک حصل باسم الدین، و الدین منه براء و قد اعتبر المسیحیون و المسلمون أن الیهود شیاطین… و اعتبر الیهود أن المسیحیین کفار، و اعتبروا المسلمین أعداء و هادمین لقوانین موسی… فلما أشرق نور بهاءالله من الشرق أعلن بشری وحدة الانسانیة و خاطب جمیع البشر قائلا کلکم أثمار شجرة واحدة، فلا یوجد شجرتان شجرة للرحمة الالهیة و أخری لشیطان، اذا ینبغی أن نعامل بعضنا البعض بمنتهی المحبة بل نعلم و نقر بأن الجمیع عبید لاله واحد… یجب تهذیب الجمیع و تربیتهم و مساعدتهم بالمحبة و عمل کل ما یمکن لکی تعیش الانسانیة فی ظل المحبة الالهیة بغایة الاطمئنان و أرقی حالات السرور و الانشراح» (5).
و أتذکر ههنا مثلا عراقیا عامیا حکمیا هو «فی وجهک مرآة و خلفک شوکة«.
و قد قال الله عزوجل فی کتابه الحکیم: (کبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون) (6).
فهکذا کان العباس و البهائیون و لا یزالون سائرین علی نهجهم هذا یتفوهون بأشیاء لم یعلموا بها قط لا هم و لا أکابرهم.
فالمرزه عباس آفندی الذی طالما أدهش الکثیرین من المسلمین و الأوربین بمنظره و تواضعه و أسلوب کلامه المشوب بالسکر و الخداع و الکذب و النفاق کان فی الحقیقة عکس الظاهر تماما، و کان سفاکا للدماء و فتاکا للأبریاء مثل أبیه و شلته و عاصبة المباب الشیرازی، و قد شهد بذلک أول داع للبهائیة فی أمریکا «جورج خیر الله» بقوله:
»ان العباس و أتباعه لم یتجنبوا عن القتل و الفتک بطرق خفیة سریة لأغراضهم و مقاصدهم و قتلوا الکثیرین و منهم التاجر الکبیر من جده المرزه یحیی، اغتاله مریدو العباس بأمر منه» (7).
و هذا البطرس الذی نشر البهائیة فی أمریکا و مهد لهم السبیل هناک لما عرف حقیقة هذا الثعلب و ابتعد عنه هدده العباس و أنذره و أرسل الیه المرزه حسن الخراسانی أحد أتباعه قال له:
»أنا أقلع مقلتیک من عینیک و أمزقک تمزیقا لم تمتنع عن مخالفة العباس و معاندته» (8).
فالرجال رجل الأمس لم یتغیر و لم یتبدل و لم یفارق البهائیة اللهم الا أن تجنب من العباس و الخضوع له بعد ما عرف حقیقته حیث وجد یقتل و یبطش و یفتک و یسفک الدماء، و أعمته الأمانی و یجری وراء الدناءة و الهوس، و «کانت ابنته الآنسة «بهیة خاتم» البهائیة أخبرته من قبل أن العباس أمرها أن تکذب أمام أتباعه الأمریکان حسب ما تقتضیه الحاجة و الضرورة» (9).
»و کان العباس متطرفا فی العداء لمخالفیه الی أنه لم یستحی من أن یحرض زوجة جورج خیر الله ضده؛ لأن تأخذ الطلاق منه مغریا ایاها بالمال و المنال» (10).
1) »الدراسات فی الدیانة البابیة«، ص87 و ما بعد.
2) أیضا و «دائرة المعارف الأردیة«، ص 93 ج 5.
3) »مقدمة نقطة الکاف«، ص عو.
4) »محادثات باریس«، ص 189.
5) »مجلة» نجمة الغرب البهائیة، ص 76 ج 8.
6) سورة الصف الآیة 3.
7) »الدراسات فی الدیانة البابیة» ص 157.
8) أیضا، ص 154 و «دائرة المعارف الأردیة«، ص 93 ج 5.
9) »الدراسات فی الدیانة البابیة، ص 107.
10) أیضا، ص 108 و ما بعد.