و أما البهائیون الذین یدعون أنهم أعطوا المرأة ما لم یعطها أی دین فصحیح من وجه و کذب من وجه آخر.
أولا: صحیح بأنهم أعطوها من الاباحیة و الانحلال الخلقی و الفساد ما لم یکن فی وسع أی دین بأن یعطیها، و خیر مثال لذلک قرة العین التی قرت عیونهم الفاسقة بأنوئتها الفاجرة و فتنتها الطاغیة العارمة التی لعب الشیطان بجسدها و ترکها فریسة لکل مفترس و التی أفتت: بجواز نکاح المرأة من تسعة رجال» (1).
و رفعت الحجاب فی «بدشت» و فجرت و فسقت «بحروف الحی» أی علماء البابیین وقادتهم و منهم صاحبنا هذا حسین علی، اله البهائیة و بانیها و قدوس البابیین الملا محمد علی البارفروشی «و قضت معه اللیالی فی هودج واحد و دخلت معه الحمام للاستحمام» (2).
وحثت الناس علی ارتکاب الفضائح و الکبائر حتی صرخ البابیون أنفسهم ارتکب بسبب هذه الغانیة الخبیثة «من الجرائم ما توجب الحد» (3).
فهذه الفاجرة هی المثل الأعلی للبهائیة یمجدونها و یریدون أن تصیر نساء العالم مثلها فاقدات الحیاء، تارکات الأولاد و الزوج، عابثات بالرجال و عقولهم، و بائعات الجسد و الأنوثة، لتشیع الفاحشة فی الدنیا و تعم الاباحیة لیشبع عباد الشهوات رغباتهم، و علی ذلک یمجدها نبی البهائیة عباس بن حسین علی البهاء و یقول: من بین نساء عصرنا هذا قرة العین ظهر منها فی زمان ظهور الباب شجاعة عظیمة و قوة جعلت کل الذین سمعوها مندهشین، فطرحت حجابها جانبا رغم وجود العادات القدیمة المتبعة بین الفرس – المسلمین – و مع أنه کان من المعتاد اعتبار التکلم مع النساء من سوء الأدب فان هذه السیدة الشجاعة الباسلة کانت تتجادل مع أعظم الرجال المتعلمین –
بأنوثتها الفاجرة و جمالها المدهش – و کانت فی کل اجتماع تتغلب علیهم – بجسدها المتوقد الضارم -… و لم ینثنی عزمها عن العمل لحریة النساء – عن القیم الأخلاقیة – و خلاصهن – من قیود شرائع الله – و تحملت الاضطهاد الشدید و الآلام» (4).
و المعروف أن البهائیین لم یأخذوا بهذا المبدأ الا متأثرین من الحضارة الغربیة السافلة التی فتحت فی أحضانها دور الزنا و نوادی العراة و أندیه الرقص و بارات الخمر و أحواض السباحة و خانات الخلاعة و المجون، و هذا أکبر دلیل علی أن البهائیة لیست بشریعة و لا دین بل کل ما فیها هو استحصال و استعباد و قضاء شهوات و رغبات.
ثانیا: صحیح أن البهائیة أعطت المرأة ما لم یعطها أی دین آخر و لیس لدین أن یعطیها ما أعطوها، و کذب أنهم أعطوها شیئا لأنهم کلما أعطوها شیئا أخذوا منها أشیاء، منحوها الحریة و سلبوا منها الطهارة و العفاف کما جردوها عن الحشمة و الحیاء و الوقار و کرامة النساء الخاصة بهن.
و لقد لاحظت فی سفری الی ایران عند ما زرتها للتحقیق و التنقیب عن البهائیة أنه لا یسمح لهم العمل و التبلیغ فی تلک البلاد و لکنهم یعملون سرا وراء الستائر و الأنقبة، فدخلت مجالسها و أندیتها التی یتسترون بها و رأیت أن أکثر روداها الشباب الفسقة و السوقة المتعطشین لما یجدون متعة جنسیة رخیصة عندهم بسبب الاختلاط العام و الاباحیة المطلقة، و لاحظت فی کثیر من المجالس البهائیة بطهران أکثریة الحضار من هذا القبیل، و لأجل ذلک رأیت أن البهائیة منتشرة فی أوساط المراهقین و المتطلعین الی الجنس و المتعطشین لارواء غلتهم الشیطانیة من الفجور و الفسوف، و هذا أمر لا ینکر و لا یتنکر فی کل بلدة یوجد فیها مجالس البهائیة، و البهائیون.
و لهم فی ذلک عذر حیث اشترطوا فی النکاح رضا الطرفین أولا و أخیرا و هما الولد و البنت لا الأباء و الأمهات کما یقول حسین علی فی «لوح زین المقربین«:
ضروری فی النکاح رضا الطرفین أولا ثم اخبار الوالدین بعد ذلک – فقط
الأخبار – کذلک قضی الأمر من القلم الأعلی انه هو الغفور الرحیم«(5).
و أما فی البیان للباب ما کان حتی و لا الاطلاع للوالدین (6).
ثالثا: أن المازندرانی علی ما هو المعهود منه لم یعمل بهذا أیضا الذی یفتخر به البهائیون و یجعلونه دلیلا علی أن مذهبهم یوافق متطلبات العصر الحاضر و روحه؛ لأنه هو نفسه تزوج بثلاث نساء «نوابة خانم» أم العباس آفندی، و «مهد علیا» أم المیرزه محمد علی و «کوهر خانم» أم فروغیه خانم، فهذا هو الکذاب الذی یدعی أتباعه «أن احدی الأنظمة الاجتماعیة التی جعل بهاء الله لها أهمیة عظیمة هی مساواة النساء بالرجال«.
فهذه هی مساواته بالنساء یتزوج بثلاثة مع أن صاحبته القدیمة قرة العین أفتت بخلاف ذلک بل و بالعکس کما مر.
رابعا: أن البهائیین منافقون أیضا فی دعواهم المساواة بین النساء و الرجال لأن حسین علی لم یجعلها مساویة بالرجال فی کثیر من الأحوال بل فرق بینهم و بینهن و أحط مرتبتهن و مقامهن و هذا أکبر دلیل علی أن البهائیة لیست بدین الهی سماوی بل انها مختلفة مزورة مصنوعة لرغبات الناس و شهواتهم و لدعوة الناس الی عبودیة الناس و کسب المنافع و المفاداة الدنیویة الدنیئة: لأن الدین الالهی لا یتضارب فیه الأقوال و لا تتناقض فیه الآراء، و لا یکون فیه شیء للدعایة و شیء للعمل، و لأجل ذلک جعل أکبر دلیل علی أن الشریعة الاسلامیة شریعة مساویة حقة أنها لا توجد فیها الاختلاف و تضارب الأقوال و لقد قیل فی دستورها (و لو کان من عند غیر الله لوجدوا فیه اختلافا کثیرا) (7).
و صدق الله عزوجل و هو أصدق القائلین.
و أما البهائیة فبعکس ذلک کما رأیناها، و فی هذه الفکرة الدعائیة الکبیرة التی تبنتها
لارضاء الاستعماریین المنحلین، و للأقوام و الملل التی تسلطت علیها المرأة و سیطرت، کی تظهر بأن الدیانة البهائیة دیانة التقدم و دین الحضارة – حسب زعمهم – اضطرت نفسها أن تفرق فی کثیر من الأحکام بین الرجال و النساء اعترافا بأن الدین الاسلامی هو الدین الصحیح الفطری مهما ینکره المنکرون و یعرض عنه المعرضون فهذا هو المازندرانی یقول فی أقدسه الذی یظنه ناسخا لآخر الکتب السماویة المنزلة من عند الله لهدایة الناس الی سواء السبیل، یقول فیه مفرقا بین الرجال و النساء مقرا بأن المرأة لا تساوی الرجل:
»قد کتب الله علیکم النکاح ایاکم و أن تتجاوزوا عن الاثنتین» (8).
و فوق ذلک – و لتکن الأذن صاغیة – یقول ذلک الداعی الی الفحش: «و من اتخذ بکرا لخدمته لا بأس علیه کذلک الأمر من قلم الوحی بالحق مرقوما» (9).
ذلک ظاهرهم و هذا هو باطنهم، فماذا بعد الحق الا الضلال فأنی تصرفون.
و یقول فی مقام آخر و فی الأقدس أیضا معطیا للرجال ما لم یعطه للمرأة نصیبا من الارث:
»جعلنا الدار المسکونة و الألبسة المخصوصة للذریة من الذکران دون الاناث و الوراث انه لهو المعطی الفیاض» (9).
و لقائل أن یقول: ان المعطی الفیاض لم حرم الاناث من الدار و الألبسة مع مساواتهن بالذکران.
هل غلب علی اله البهائیة الرجولة ههنا حتی انحاز الی الذکور دون الاناث أم ماذا حدث؟
و أین ذهبت التسویة بینهم و بینهن؟ لابد للکذب أن یظهر و یبین و لو کان مخفیا فی ألف غطاء.
و یقول المازندرانی نفسه: «قد عفا الله عن النساء حینما یجدون الدم الصوم و الصلاة» (10).
و لم هذا مع مساواتهن بالرجال؟
و أیضا «قد حکم الله لمن استطاع حج البیت – أی بیت الشیرازی و المازندرانی – دون النساء عفا الله عنهن رحمة من عنده انه لهو المعطی الوهاب» (10).
فالمعطی الوهاب لم عفا عنهن الحج و لم یعف عن الرجال، فماذا جریمتهم؟
ثم و لم لم یساو بینهم و بینهن فی وصایة الأمر لا هو و لا ابنه، فالمازندرانی مع وجود بناته لم یعهد الیهن ولایة الأمر بل عهد الی العباس أولا و الی المرزه محمد علی ثانیا کما یقول فی وصیته الأخیر:
»ان وصیة الله هی أن یتوجه عموم الأغصان و الأفنان و المنتسبون الی الغصن الأعظم (عباس آفندی(… قد قدر الله مقام الغصن الأکبر (المرزه محمد علی) بعد مقامه انه هو الأمر الحکیم، قد اصطفینا الأکبر بعد الأعظم أمرا من لدن علیم خبیر» (11).
و عباس علی شاکلته لم یختر ابنته و لا اخواته لولایة الأمر کما لم یبال بوصیة أبیه فی جعل الخلافة فی أخیه محمد علی بل وصی لحفیده (شوقی آفندی) «یا أحباء عبدالبهاء الأوفیاء یجب أن تحافظوا کل المحافظة علی فرع الشجرتین (الخبیثتین) المبارکتین، و ثمرة السدرتین (الشیطانتین) الرحمانیتین شوقی آفندی… اذ أنه ولی أمر الله بعد عبدالبهاء، و یجب علی الأفنان و الأیادی و الأحباء طاعته و التوجه الیه، و من بعده بکرا بعد بکر» (12).
و لم حرمت النساء من الولایة مع ادعاء مساواتهن بالرجال من الههم و نبیهم، ثم و لم القید من بعد «بکرا بعد بکر» و لم لم تکن باکرة بعد باکرة؟
و هل من مجیب؟
و عضویة بیت العدل هکذا، فالمعروف أن تلک الهیئة هی أهم الهیئات البهائیة بل
هی المسیطرة علی جمیع شؤنها، و بها تنفذ الشریعة و الیها ترجع الأمور و لکن اشترط فی عضویتها الرجولة و لم یترک کرسی من کراسیها التسعة لامرأة و لقد عنون الخاوری فی کتابه «الحدود و الأحکام» فصلا بعنوان أعضاء بیت العدل الأعظم لا یکونون الا من الرجال ثم أورد تحته أقوالا لحسین علی و ابنه مثل قوله فی الأقدس «یا رجال العدل کونوا رعاة أغنام الله فی مملکته» (13).
و «نوصی رجاله – البیت العدل – بالعدل الخالص» (14).
و «ینبغی لرجال البیت العدل الالهی أن ینظروا فیما نزل من أفق السماء الأعلی لاصلاح الفساد لیلا و نهارا» (15).
و قال ابنه عباس: «أمناء البیت العدل رجال ینتخبون بالنظم الکامل من قبل الملة» (16).
فلم الرجال دون النساء؟
هل من مفکر و هل من مدبر یتدبر أم علی قلوب أقفالها؟
فهذه هی التعالیم الخمسة البهائیة جعلوها دعایة کبیرة لاظهار و اعلان أن دیانتهم هی الدیانة الوحیدة التی تتمیز عن الأدیان و المذاهب الأخری حیث التقدم و الرقی و کونها مناسبة لمتطلبات العصر الحاضر، و هذه هی حقیقتها الأصلیة کما بیناها و ازلنا النقاب عنها و حللناها تحلیلا منطقیا واقعیا علمیا و لعلها یتذکر بها من أراد أن یتذکر و یعرفها من أراد أن یعرف و الله الهادی الی سبیل الرشاد.
1) »مفتاح باب الأبواب» ص 176.
2) أیضا، ص 186.
3) »نقطة الکاف«، ص 155.
4) »خطاب عبدالبهاء عباس فی مؤتمر حریة المرأة فی لندن المنقول من کتاب «بهاءالله و العصر الجدید» ص 149.
5) »لوح زین المقربین» للمازندرانی نقلا عن کتاب «الحدود و الأحکام» لاشراق الخاوری، البهائی ص 164.
6) الباب السابع من الواحد السادس من «البیان» العربی.
7) سورة النساء: الآیة 82.
8) »الأقدس» للمازندرانی.
9) أیضا.
10) »الأقدس«.
11) کتاب عهدی لحسین علی نقلا عن «البابیون و البهائیون» للحسنی ص 43 و 44.
12) »وصایا عبدالبهاء عباس«، ص 11.
13) »الأقدس» للمازندرانی الفقرة 123.
14) أیضا، الفقرة 122.
15) »اشراقات» للمازندرانی.
16) »مجموعة حدود و أحکام» للخاوری البهائی، ص 219.