تحدثنا تحت عنوان: ما الحکمة؟ بافتراض أن السؤال، هنا، یقصد به الحکمة من وجود مهدی منتظر أصلا بوجهین ینطقان بحاجة البشریة لذلک:
الأول: عدم تجاوز البشریة لمشاکلها الحادة رغم تقدمها العلمی و عدم وجود ما یشیر لذلک مستقبلا.
الثانی: قلة و نسبیة ما تستطیع أن تعرفه من أسرار الکون الهائل السعة و العمق حتی فی المستقبل. و هو ما یفرض المعلم الالهی دائما.
و أشرنا – بافتراض أن السؤال قصد به الحکمة من أن یکون هذا المهدی الامام الثانی عشر- الی ما أجبنا به فی السؤال الأول: لماذا لا یکون المهدی شخصا آخر؟
أما اذا قصد به الحکمة من الغیبة الطویلة، فأجبنا بأنها انتظار الظرف المهیأ لقبول الرسالة الالهیة، و أن ذلک لا یکون الا فی آخر ما تبلغه البشریة من شوط فی النضج و المعرفة.
و دللنا علی ذلک بعدم استیعاب الناس ما طرحه الرسول صلی الله علیه و آله و سلم و الأوصیاء من بعده فی عصر تأسیس قواعد الرسالة و أطرها کما ینبغی، و عدم تجاوبهم معهم نظریا و عملیا مما یحتم الغیبة، بانتظار أن ینتج من تفاعلهم مع الواقع التأریخی من جهة، و مع مفاهیم الرسالة من جهة أخری، الظرف
الملائم لاستیعابها بصورة أفضل، و بالتالی التهیؤ لاستقبال الامام علیهالسلام امتداد الرسول صلی الله علیه و آله و سلم و خلیفته بالمعنی الأخص. و بذلک نفینا أن تکون التقیة هی السبب للغیبة الکبری، و رأینا أن طرح بعضهم لها تسامح یقصد به التقیة علی الرسالة فی ظرف لا یقبلها لا التقیة الشخصیة من قبل الامام علیهالسلام، و قد یکون بعضهم قد نقل ما طرحه الأئمة علیهمالسلام لتفسیر الغیبة الصغری اشتباها و خلطا… و ذکرنا أن الغیبة لا تنافی بقاءه حجة لله علی أهل الأرض، بما أن الغیاب لا یمنعه من قیامه بوظیفته فی التسدید، و التعلیم، و الاعانة بما أعطاه الله من وسائل لأداء وظیفته… و لذلک ورد أنه علیهالسلام کالشمس من وراء السحاب.