فالشیوعیة – و ان کانت تنکر الأدیان – هی رافد من الروافد الصهیونیة؛
شأنها شأن «البهائیة» التی تحاول أن تضفی علی نفسها صبغة «الدین» لاستهواء هواة الأدیان؛ و سیجد القاریء أن هناک اتفاقا فی الرأی حول الأسرة بین الشیوعیة و بین البهائیة: فالبیان الشیوعی الذی یعتبر من أشهر أجزاء الأدب المارکسی یقول: علی «أی أساس تقوم الأسرة الحالیة أی الأسرة البورجوازیة؟ علی رأس المال و الکسب الخاص. سوف تزول الأسرة البورجوازیة. بزوال رأس المال«.
و فی کتابه «أصل العائلة و الملکیة الخاصة و الدولة» کتب فردریک انجلز صدیق مارکس و زمیله و رفیقه:
تقوم الأسرة الفردیة الحدیثة علی أساس العبودیة المنزلیة، من سافرة و مستترة، التی تعیش فیها الزوجة. و المجتمع الحدیث عبارة عن کتلة مکونة من هذه الأسرات الفردیة بوصفها جزیئیاتها.
و فی معظم الحالات الیوم، و عی الأقل فی الطبقات المالکة، یضطر الزوج الی أن یکسب عیشه و یعول اسرته. و هذا فی حد ذاته یجعل له مرکز السیادة بدون أیة حاجة الی حقوق و مزایا، فهو یمثل البورجوازی فی داخل الأسرة، و الزوجة تمثل البرولیتاریا.
و فی رأی کانتون روسیتر (1) من تعلیقات مارکس و انجلز عن الأسرة و الزواج، نستطیع ان نستخلص هذه المعتقدات الجوهریة:
(1) الاسرة تشغل مرکزا فی الصرح العلوی من المجتمع، و هذا معناه أنها أصلا استجابة للمطالب التی یفرضها أسلوب الانتاج.
(2) الأسرة البورجوازیة، شأنها شأن المجتمع البورجوازی، فاسدة بصورة أساسیة و خاصة من حیث الاعتراف الضئیل بالنساء و الأطفال.
(3) ان انتهاء الملکیة الخاصة و قدوم الشیوعیة سوف یولدان نوعا جدیدا من الأسرة تکون فیها لجمیع اعضائها حقوق متساویة بصورة صحیحة.
مرة أخری تربط المارکسیة وجود الأسرة و زوالها بوجود الملکیة الخاصة و زوالها، علی نحو ما تراه هذه الایدیولوجیة بالنسبة الی الدین.
و البهائیة لا تختلف عما دعت الیه المارکسیة الیهودیة، فالیهود صناع المذاهب الهدامة؛ من وراء کل فتنة فی العالم. فالبهائیة؛ لا تختلف عما دعت الیه المارکسیة الیهودیة؛ ذلک أن «البهاء» قد عالج نظام الأسرة، و خالف المقررات الاسلامیة فیها؛ فمنع تعدد الزوجات الا فی صور استثنائیة، و فی هذه الصور الاستثنائیة لا یبیح الجمع الا بین اثنتین، و منع الطلاق الا فی حال الضرورة التی لا یمکن أحد الزوجین فیها أن یعاشر الآخر. و لم یعتبر المطلقة ذات عدة تنتظر فیها فلا تتزوج بعد الطلاق. حتی تنتهی بل لها أن تتزوج. هذا هو نظام الأسرة المعلن؛ أما النظام الأسری غیر المعلن؛ فهو الذی یستهدف تدمیر الکیان الأسری؛ و هو الذی عبرت عنه قرةالعین فی قولها: «.. و مزقوا الحجاب الحاجز بینکم و بین نسائکم، و واصلوهن بعد السلوة، و أخرجوهن من الخلوة الی الجلوة، فما هن الا زهرة الحیاة الدنیا، و أما ادخار المال عند أحدکم و حرمان غیرکم منه فهو أصل کل وزر، لأنه حق مشاع غیر مقسوم، فلیشارک بعضکم بعضا فی الأموال، لیرفع الفقر الفقر عنکم و یزول الوبال، ساووا فقیرکم بغنیکم، و لا تحجبوا حلائلکم عن أحبابکم، اذ لا ردع الآن و لا حد، فخذوا حظکم من هذه الحیاة، فانه لا شیء بعد الممات«.
تلک اذن هی الاباحة السافرة التی تدعو الیها البهائیة؛ و هی اباحیة تستهدف أول ما تستهدف تدمیر الکیان الأسری؛ علی نحو ما یرید المخطط الصهیونی العالمی؛ و هو التدمیر الذی ظهر فی روسیا الشیوعیة؛ و الذی ترید البهائیة أن تحدث له مثیلا تحت قناع «دینی» فی البلاد الاسلامیة. لنقارن بین نص «قرة
العین» البهائیة؛ و نص «مارکس» الیهودی: «مهما بدا فظیعا و داعیا الی الاشمئزاز، الانحلال الذی أصاب الروابط العائلیة القدیمة فی ظل الرأسمالیة، الا أن الصناعة الحدیثة اذ تخصص دورا هاما فی عملیة الانتاج خارجا عن المجال المنزلی للنساء و الشباب و الأطفال من الجنسین، فانها تخلق أساسا اقتصادیا یقوم علیه شکل أرقی من الأسرة و العلاقات بین الجنسین من السخافة بالطبع ان ننظر الی الشکل المسیحی التیوتونی للأسرة باعتبار أنه شکل مطلق و نهائی، کما أنه من السخف تطبیق ذلک الطابع علی الأشکال الرومانیة القدیمة و الاغریقیة القدیمة و الشرقیة، و التی أخذناها جمیعا لتکونت منها سلسلة من التطور التاریخی«.
و هنا نلاحظ علی البهائیین و المارکسیین معا أنهم یسخرون من التشدید علی احتفاظ الفتاة ببکارتها قبل الزواج، قائلین أن هذا التشدید انما یعکس النظام الرجعی الذی یجعل للرجل السیطرة. فالرجل یعتبر المرأة جزءا من ملکیته الخاصة، و من هنا فانه وحده الذی یتصرف فی هذه الملکیة الخاصة؛ کما صرح شقرة العین فی النص السابق؛ و هم – المارکسیون و البهائیون – یرون رأی قرةالعین فی ان هذه الظاهرة تعتبر من التقالید البالیة. و بدعوی تحقیق «المساواة بین النساء و الرجال» فی البهائیة و المارکسیة؛ لا یصبح هناک مکان للأسرة ذات الکیان الخاص.
1) الخطر الیهودی، ص 153.