بعد أن قتل الباب حاول الروس اختیار شخص آخر من أتباعه لیکون خلیفة له، ویقول الجاسوس الروسی کنیازد الکورکی فی مذکراته: قلت لمیرزا حسین علی – البهاء – ونفر آخرین أن یثیروا الغوغاء بالضجیج والتظاهر، ففعلوا وأطلقوا الرصاص علی الشاه ناصر الدین. فقُبض علی کثیرین، منهم حسین علی المازندرانی وبعض آخر من أصحاب السر، فتوسطت لهم وشهدت ومعی عمال السفارة وموظفوها أن هؤلاء لیسوا بابیین، فنجیناهم من الموت وسیرناهم إلی بغداد. وقلت لمیرزا حسین علی: اجعل أنت أخاک المیرزا یحیی وراء الستر وادعوه (من یظهره الله(، وأعطیتهم مبلغاً کبیراً فألحقت به فی بغداد زوجته وأولاده وأقرباءه. فشکلوا فی بغداد تشکیلات وجعلوا له کاتب وحی. وواصلت السفارة الروسیة فی طهران دعمها لکل من اعتنق البهائیة، بل لم یکن لهم البتة مأوی سوانا.
دب الخلاف بین البابیین فتبعت جماعة حسین المازندرانی وتبعت أخری أخاه یحیی ورفضت جماعة أن تنصاع لأحد الرجلین. وبدأ النزاع بین هذه الفرق الثلاث. وتأکد لشاه إیران أن البابیة رغم مقامهم فی بغداد بعیدا عن حدوده ما زالوا یمثلون خطراً داهما علی دولته فطلب من الحکومة العثمانیة إخراجهم من العراق، فأصدرت أمرا بنفی حسین المازندرانی وأخیه وأتباعهما إلی الآستانة سنة 1281هـ.
وتجمع هؤلاء فی حدیقة نجیب باشا والی بغداد استعداداً للرحیل فاستغل حسین المازندرانی اجتماع هؤلاء وأعلن أنه الموعود الذی جاء الباب لیبشر به وأنه بهاء الله، وان الغایة من ظهور الباب أنها کانت لإعداد الناس لقدوم بهاء الله. وما أن وصل هؤلاء إلی الآستانة حتی طلب السفیر الإیرانی نقلهم إلی مکان بعید عن العاصمة فنقلوا إلی أدرنة وفیها احتدم النزاع بین الأخوین فعرف أتباع یحیی بالأزلیین؛ إذ صار یحیی یلقب صبح الأزل وعُرف أتباع حسین بالبهائیین إذ أطلق علی نفسه لقب بهاء الله.
وحاول حسین القضاء علی أخیه بدس السم له کما حاول قتله غیلة مما حدا بالحکومة إلی نفی یحیی إلی قبرص ونفی حسین إلی عکا فی فلسطین وقد عمدت الحکومة العثمانیة إلی إقامة عیون علی کل واحد من الأخوین من أتباع الآخر.
وما أن وصل حسین إلی عکا واستمر فی سجنها حوالی أربعة أشهر حتی امتدت الأیدی الماسونیة والصهیونیة لإمداده بالمال الوفیر وتهیئته للدعوة لدینه الجدید، وأطلق سراحه من السجن فاستقبل مع أتباعه استقبالا حافلا من قبل الیهود الذین دعموه بالمال وخالفوا فرمانات الباب العالی القاضیة بفرض الإقامة الجبریة علیه وأسکنوه قصرا یعرف باسم “البهجة” وفی عکا ما لبث أن دبّر مؤامرة لأتباع أخیه فأبادهم لیلاً بالحراب والسواطیر مما حمل الحکومة علی اعتقال البهائیین فی أحد معسکرات عکا. کما وضع أتباعه فی منزل آخر وأذن لأتباعه ولغیرهم فی زیارته والتحدث إلیه.
بدأ حسین المازندرانی بدعوی أنه وصی الباب ثم زعم أنه المسبح قد نزل ثم ادعی لنفسه النبوة ثم زاد فی تبجحه وادعی إنه إله السماوات والأرض زاعماً أن الحقیقة الإلهیة لم تنل کمالها الأعظم إلا بتجسدها فیه. وقد أمدته الصهیونیة بلقب بهاء الله الموجود فی المزامیر إذ قد ردد فیها (أن السماوات تحکی عن بهاء الله) فزعم أو زعموا له أنه هو هذا البهاء وأنه مظهر الله الأکمل، وأنه موعود کل الأزمنة ومجیئه الساعة الکبری وقیامه القیامة والانتماء إلیه هو الجنة ومخالفته هی النار، حتی وصل به الحال إلی ادعاء الألوهیة ووضع برقعا علی وجهه؛ بزعم أنه لا یجوز لأحد أن یطلع علی بهاء الله!!
وأخذ ینسخ من البابیة ما لا یوافق هواه، وألف الإتقان والإشتراقات ومجموعة الألواح والأقدس المطبوع ببغداد لأول مرة عام 1349هـ، فی 52 صفحة وهو أهم کتاب عندهم وهو فی نظرهم أقدس من جمیع الکتب المقدسة وقد حشاه بالآراء المضطربة والأقوال المتناقضة، ولم یخرج فی جملته عن مثل ضلالات شیخه الباب.