لقد عارض الشعب الایرانی و علماؤه و حکومته هذه البدعة حین ظهورها، و ناظروا مبتدعها الأول (الباب) و حکم علیه بالردة و أعدم فی تبریز فی شهر یولیو سنة 1850.
و حین وفدت هذه البهائیة الی مصر قاومتها کل السلطات علی الوجه التالی: –
أولا:
1- أفتی الشیخ سلیم البشری شیخ الجامع الأزهر بکفر (میرزا عباس) زعیم
البهائیین و نشرت هذه الفتوی فی جریدة مصر الفتاة فی 27 / 12 / 1910 بالعدد 692.
2- صدر حکم محکمة المحلة الکبری الشرعیة فی 30 / 6 / 1946 بطلاق امرأة اعتنق زوجها البهائیة باعتباره مرتدا.
3- أصدرت لجنة الفتوی بالأهر فی 23 / 9 / 1947، و فی 3 / 9 / 1949 فتوتین بردة من یعتنق البهائیة.
4- صدرت فتاوی دار الافتاء المصریة فی 11 / 3 / 1939، و فی 25 / 3 / 1968، و فی 13 / 4 / 1950 بأن البهائیین مرتدون عن الاسلام.
5- و أخیرا أجابت أمانة مجمع البحوث الاسلامیة علی استفسار نیابة أمن الدولة العلیا عن حکم البهائیة، بأنها نحلة باطلة لخروجها عن الاسلام للالحاد و للکفر، و أن من یعتنقها یکون مرتدا عن الاسلام.
ثانیا:
عندما سجل البهائیون محفلهم فی المحاکم المختلطة برقم 776 فی 26 / 12 / 1934 م حاولوا أن یوجدوا لهم صفة الشرعیة لکن الحکومة قاومتهم و یتضح هذا مما یلی:
1- قدم المحفل الروحانی المرکزی للبهائیین بمصر و السودان طلبا الی وزارة الشئون الاجتماعیة لتسجیله، و قد رفض هذا الطلب بناء علی ما رأته ادارة قضایا الحکومة أو 5 / 7 / 1947 کما رفض طلب صرف اعانة له من هذه الوزارة.
2- رأت ادارة الرأی بوزارتی الداخلیة و الشئون البلدیة و القرویة فی 8 / 12 / 1951 م أن فی قیام المحفل البهائی اخلالا بالأمن العام، و أنه یمکن لوزارة الداخلیة منع اقامة الشعائر الدینیة الخاصة بالبهائیین.
و قد تأید هذا بما رآه مجلس الدولة فی 26 / 5 / 1958 من عدم الموافقة علی طبع اعلان دعایة لمذهب البهائیة لأنه ینطوی علی تبشیر غیر مشروع، و دعوة سافرة للخروج علی أحکام الدین الاسلامی، و غیره من الأدیان المعترف بها، و رأی منع ذلک لمخالفته للنظام العام فی البلاد الاسلامیة.
3- حکمت محکمة القضاء الاداری بمجلس الدولة فی مصر فی القضیة رقم 195
لسنة 4 ق بتاریخ 26 / 5 / 1952 برفض دعوی أقامها بهائی و جاء فی تسبیب هذا الحکم تقریرها: أن البهائیین مرتدون عن الاسلام.
4- صدر القرار الجمهوری رقم 263 لسنة 1960 م و نص فی مادته الأولی علی أنه: تحل المحافل البهائیة مراکزها الموجودة فی الجمهوریة و یوقف نشاطها و یحظر علی الأفراد و المؤسسات و الهیئات القیام بأی نشاط مما کانت تباشره هذه المحافل و المراکز.
و نص فی مادته الأخیرة علی تجریم کل مخالف و عقابه بالحبس و بالغرامة.
5- و تنفیذا لهذا القرار بقانون أصدر وزیر الداخلیة قراره الرقیم 106 لسنة 1960 – بتاریخ 31 / 7 / 1960 بأیلولة أموال و موجودات المحافل البهائیة و مراکزها الی جمعیة المحافظة علی القرآن الکریم.
6- حکم بالحبس و الغرامة فی القضیة رقم 316 لسنة 1965 علی عناصر من أتباع البهائیة لقیامهم بممارسة نشاطهم فی القاهرة، کما قبض علی غیرهم فی طنطا فی سنة 1972 و کذلک فی سوهاج.
7- قبض علی مجموعة منهم أخیرا فی فبرایر سنة 1985 برئاسة أحد الصحفیین، و قد اعترفوا بایمانهم برسولهم بهاءالله و کتابهم المقدس، و أن قبلتهم جبل الکرمل بحیفا فی اسرائیل.
و قد وجهت الیهم تهمة مناهضة المبادیء الأساسیة التی یقوم علیها نظام الحکم فی البلاد و الترویج لأفکار متطرفة بقصد تحقیر و ازدراء الأدیان السماویة الأخری.
8- أوصی المؤتمر العالمی الرابع للسیرة و السنة النبویة بتحریم هذا المذهب و تجریم معتنقیه… و بعد….
فان فیما تقدم تعریة للبهائیة و کشفا لخطوطها الفکریة الموجهة نحو العقیدة الاسلامیة و جحودها بل و حربها الدائب منذ أکثر من قرن من الزمان علی الاسلام و المسلمین، و أنها تظاهر أعداء الأمة الاسلامیة و تناصرهم فی القضاء علی هذه الأمة و علی الاسلام.
ان البهائیین (و دعوتهم هذه التی مرت بهذه التطورات و وجهت بتلک المقاومة فی البلاد التی نبتت فیها (ایران) حیث أعدم مبتدعها بوصفه مرتدا عن الاسلام، و نفی خلیفته(.. ما زالوا مثابرین علیها.
و فی مصر صدرت الفتاوی من علماء الاسلام، و الأحکام من جهات القضاء المختلفة ثم الفتاوی القانونیة المتعاقبة و کل أولئک قد أثموا هذا المذهب و حکموا ببطلانه.
ثم صدر القرار الجمهوری الذی حظر نشاط البهائیة دون أن یجرمها بعقاب رادع، یتساوی مع خطورتها علی عقیدة الناس الاسلامیة بل و علی العقائد السماویة الأخری بوجه عام – الیهودیة و المسیحیة.
و من ثم أطلت الفتنة برأسها مرة أخری فی وقت تزاحمت فیه الأفکار الموفدة الفاسدة التی ساعدت علی بروز طوائف من الجماعات کل له فکر شارد، بل و ادعی بعض الناس النبوة – و ما تزال محاکمة هذا و ذاک تسیر الهوینی. و ما زال المجتمع یترقب ما تسفر عنه هذه المحاکمات.
– ان مصر – و فیها الأزهر – الذی انعقدت لها به رایة زعامة العالم الاسلامی ینبغی أن یطارد فیها کل فکر منحرف عن الاسلام بکل الحزم حتی تظل فی مکان القیادة و الریادة الاسلامیة.
– ان هذا المذهب البهائی و أمثاله من نوعیات الأوبئة الفکریة الفتاکة التی یجب أن تجند الدولة کل امکاناتها لمکافحته و القضاء علیه.
– اذ أن عقیدة الاسلام و صیانتها لا تقل فی مرتبتها عن حمایة الأجساد من الأوبئة المرضیة التی تسارع الدولة لعلاجها بالحزم و الحسم، بل العقیدة أولی لأن فی صحتها نقاء الحیاة و عبادة الله.
ان الأمة اذا فقدت عقیدتها انمحت ذاتیتها و غلبها أعداؤها..
ان مصر یجب أن تذکر دائما أنها قامت بالدفاع عن الاسلام و عن أرض المسلمین منذ دخلت فیه، و أنها سبق أن استردت القدس و حررت فلسطین باسم الاسلام. و لنذکر أن مصر انما حاربت فی رمضان سنة 1393 ه – أکتوبر 1973. تحت نداء
الاسلام «الله أکبر» و بهذا النداء و تحت لوائه انتصرت، و أن علیها أن تطهر أرضها من هذه الأرجاس، و أن تنفی عنها هذا الخبث لیستقیم بها الأمر و تظل باسم الاسلام، رائدة ناهضة.
و الأزهر یقرر:
ان الاسلام لا یقر أی دیانة أخری غیر ما أمرنا القرآن باحترامه، فلا ینبغی، بل یمتنع أن تکون فی مصر دیانة غیر الاسلام ثم المسیحیة و الیهودیة لأن کل دیانة أخری غیر مشروعة و مخالفة للنظام العام.
و ان الأزهر لیهیب بالمسئولین فی جمهوریة مصر العربیة أن یقفوا بحزم ضد هذه الفئة الباغیة علی دین الله و علی النظام العام لهذا المجتمع، و أن ینفذوا حکم الله علیها، و یسنوا القانون الذی یستأصلها و یهیل التراب علیها، و علی أفکارها، حمایة للمواطنین جمیعا من التردی فی هذه الأفکار المنحرفة عن صراط الله المستقیم..
ان هؤلاء الذین أجرموا فی حق الاسلام و الوطن یجب أن یختفوا من الحیاة لا أن یجاهروا بالخروج علی الاسلام.
ان الأمر جد یدعو الی المسارعة النشطة من السلطات التشریعیة و القضائیة و التنفیذیة لأعمال شئونها و لنذکر دائما أن الله یزع بالسلطان ما لا یزع بالقرآن.
ان هذه الفتنة لم تحظ بالاهتمام المناسب مع أنها جریمة الجرائم و من الکبائر فلنبادر الی الدفاع عن حقوق الله التی تنتهک و تستباح، و عن دین الله الاسلام الذی یفتن الناس عنه بباطل من القول وزورا. و تحسبونه هینا و هو عند الله عظیم.
ألا هل بلغ الأزهر..
اللهم فاشهد..
شیخ الأزهر
و رئیس مجمع البحوث الاسلامیة
(جاد الحق علی جاد الحق)