و من لوازم الحریة الجهاد لأن الحریة لا تتحصل و لا یحافظ علیها الا بالجهاد، فالجهاد هو راعی الحریة و محافظها، و الحریة من ثمرات الجهاد و برکاته، فکان من الضروری للخونة أمثال المازندرانی أن یمنعوا الناس عن الجهاد و حمل السلاح ذودا عن الشرف و الکرامة و دفاعا عن المقدسات و الوطن و المال، و بالجهاد رفع الله الأمة الاسلامیة و شأنها، و ملکها نصف العالم، و نور الکون بضیائها و بهائها، و بترک الجهاد ترکوا فریسة کل مفترس و صیدا لکل مصطاد، و ما ذلت الأقوام الاسلامیة فی مختلف بقاع الأرض الا بالأعراض عنه، و ما انخذلت و لا تخاذلت و لم تستعمر الأمة المحمدیة الا بالابتعاد و الاجتناب منه، فما زال النصر حلیف المسلمین ما بقوا مجاهدین فی سبیل الله، معلنین کلمته، رافعین رایته، حاملین سلاحهم، شاهرین سیوفهم، معدین للأعداء قوتهم، مشمرین عن ساق جدهم و جهدهم، القائلین:
نحن الذین بایعوا محمدا
علی الجهاد ما بقینا أبدا
مصداقا لقول قائل:
سنغسل عنا العار بالسیف جالبا
علینا قضاء الله ما کان جالبا
فمن کان أمامه و قائده و رائده و زعیمه محمد الباسل المجاهد، الثابت یوم حنین عندما ولت الجموع، المقدام فی شدائد الحرب و الخواض فی غمارها، القائل:
»ان أبواب الجنة تحت ظلال السیوف» (1).
فمن کان امامه و مقتداه ذلک البطل الأبی صلی الله علیه و سلم یعرف حق المعرفة و یعمل علم الیقین أن أمة ترید أن تبقی و تحیی بعزها و شأنها لن تبقی الا بالجهاد، فالجهاد سبیلها و الجهاد طریقها، الجهاد الذی هو زین للرجال و مفخرة للأبطال، خلافا لبائعی الضمیر و القوم و الوطن بالثمن الزهید و المال القلیل الفانی، فانهم حرموه و أمروا الناس بالابتعاد عنه حتی یدوس الأعداء مقدساتهم و أراضیهم بأقدامهم
النجسة و بلا مزاحمة و مدافعة، و من بین هؤلاء الأندال کان المازندرانی عمیل القیصریة الروسیة فقال فی لوحة «البشارات«:
»البشارة الأولی التی منحت من أم الکتاب فی هذا الظهور الأعظم لجمیع أهل العالم محو حکم الجهاد من الکتاب و قد نزل هذا الأمر المبرم من أفق ارادة مالک القدم» (2).
و فی أقدسه قال: «حرم علیکم حمل آلات الحرب» (3).
و اکتفاء بما ذکرناه آنفا و ما ذکر فی المقال السابق نعرض عن سرد بقیة عبارات القوم فی هذا الخصوص.
و هکذا أراد عملاء الروس و أذناب الانکلیز فی البلاد الاسلامیة محو هذه العقیدة الحیة المحییة من قلوب المسلمین کیلا یواجه المستعمرون المشاکل فی استعباد بلادهم، فمکروا و مکر الله و الله خیر الماکرین، ورد الله کیدهم فی نحورهم فطرد الاستعمار من البلاد الاسلامیة و طوی بساطهم بشجاعة الشجعان و بسالة الفرسان من أمة محمد صلی الله علیه و سلم.
1) رواه مسلم.
2) »بشارات» للمازندرانی، ص 1 و 30 و «اشراقات«، ص 108 و 109.
3) »الأقدس» الفقرة 383.