تحت عنوان: الامام المهدی المنتظر علیهالسلام و عقیدة الرجعة، ذکرنا ارتباط هذه العقیدة بالامام علیهالسلام أمرا و شخصا و زمانا، و ذکرنا الآراء الثلاثة المطروحة فیها:
و الأول یری أنها تعنی رجوع أمر أهل البیت علیهمالسلام لا رجوع بعض الأموات و ذکرنا ما حملهم علی هذا الرأی و أبطلناه.
و أوردنا ما قاله العلماء من أن ما ورد فی الرجعة نصوص لا تقبل التأویل.
و الرأی الثانی یری أنها تعنی رجوع الامام علیهالسلام نفسه کعیسی علیهالسلام الذی لا خلاف بین المسلمین فی رجوعه مع أنه قد توفاه الله، و سقنا ما ذکر من عدم منافاة هذا الرأی لحیاة الامام علیهالسلام طبقا للمفهوم الحقیقی للحیاة
الذی لا ینافیه الموت بمعناه الذی یعنی الانتقال لا بالمعنی العامی الشائع من الانقطاع.
و أن ذلک لا ینافی أیضا استمرار مهمته فی الامامة التی تعنی التوجیه و التسدید و التعلیم، للصلة المفتوحة بین أهل السماء و الأرض و کما هو جبرائیل بالنسبة للرسل علیهمالسلام.
و ناقشنا ذلک بمنافاته لبقاء التکلیف و لصریح بعض الروایات.
و ذکرنا رأیا آخر فحواه أن هذا الموت لیس طبیعیا و انما هو ارادی، و هو معروف فی تاریخ الأنبیاء و الأئمة علیهمالسلام باسم العروج، و معروف لدی الحکماء أیضا و فی الدراسات البارسایکوجیة الحدیثة باسم الخروج الواعی أو الارادی من الجسد.
و نزع البدن ارادیا و العودة الیه لا ینافی بقاء الامام علیهالسلام فی الأرض، و حیاته بالصورة المادیة فیها. و هو ما یفسر لنا استجابته – لمن شاء الله – فی أی ظرف و أی مکان و تمثله فجأة، و غیابه فجأة…
ولکن ذلک لا یجعل للرجعة معنی یتصل بشخصه، لأنه لا یختلف عن الرأی المشهور.
أما الرأی الثالث، و هو الذی یدخل ضمن: ما الذی سیفعل؟ و یعنی رجوع بعض المؤمنین و بعض الکافرین فی زمنه علیهالسلام کآیة عظیمة بین یدی الساعة. و مصداق لمعنی کونه النذر الأکبر و قد ذکرنا أن انکارها، و التشنیع علی من یعتقد بها، لا یقوم علی اعتقاد عدم وقوعها تحت القدرة و الا کان کفرا بالله، و بالمعاد الذی هو أصل أساس لدی کل المسلمین، و لا علی عدم وقوع الرجعة فی التاریخ السابق لورود آیات عدیدة تنص علی هذا الوقوع سقنا عددا منها، و انما علی عدم الانتباه الی أدلة وقوعها فی المستقبل و فی زمن الامام علیهالسلام.
ثم ذکرنا عددا من الآیات التی لا مجال لفهمها بغیر الرجعة بصورتها الجزئیة مستقبلا…
ثم ما ورد متواترا عن أهل البیت علیهمالسلام فی ذلک.
و مع مثل هذه الأدلة التی یکفی بعضها لجعل مسألة الرجعة قائمة بوصفها مسألة من ضمن ما جاء به الدین شأن کثیر من المسائل الأخری التی یدین بها المسلمون مما لا تملک أحیانا جزءا مما تملکه الرجعة من أدلة الاثبات، یکون التشهیر بها، و اسقاط عدالة معتقدها – کما فعل بعضهم – موقف تعصب و انسیاق تقلیدی مع أقوال قدیمة أفرزها الصراع المذهبی لا یرجعان الی أساس من دین و موضوعیة و عدل.
النجف الأشرف
عدنان علی البکاء الموسوی