نقلا عن کتاب «عبدالبهاء و البهائیة» لسلیم قبعین، ص 125، و لا یظهر الکتاب صیغة التوقیع.
»هو الله«
الحمد لله الذی أنطلق الورقاء بأحسن اللغی فی حدیقة الرحمن علی الأغصان بأبدع الألحان. فاهتزت و ابتهجت و انتعشت و انجذبت من نفحات الحقائق القدسیة المجردة الصافیة التی انطبعت من أشعة ساطعة عن شمس الحقیقة و اشتعلت بالنار الموقدة من السدرة الربانیة فی الحقیقة الانسانیة. عند ذلک هتفت بالتهلیل و التکبیر فی ذکر ربها العزیز القدیر و أطلقت اللسان و قالت سبحان من أنطقها بثنائه فی حدیقة الوجود بمزامیر آل داود. و علمها حکمه و أسراره و جعلها مهبط الهامه و مشرق أنواره و مطلع آثاره و ذل کل رقبة بقوة بیانه. و خضع کل عنق بظهور برهانه. و أصلی و أسلم علی الحقیقة الکلیة الفائقة فی بدء الوجود الفائضة علی کل موجود المبعوث فی المقام المحمود المنعوت بالظل الممدود فی الیوم الشهود الوسیلة العظمی و الواسطة الکبری صلوات الله علیه و آله فی الآخرة و الأولی.
أیها الفاضل الجلیل ذو المجد الأثیل، ان شئت الصعود الی الأوج الأعلی فی دائرة الوجود فعلیک ببصر حدید فی هذا العصر المجید. حتی تری نور الهدی ساطعا من الأفق الأعلی و أشرقت الأرض بنور ربها و تعرض لنفحات الله فانها من ریاض القدس جنة الفردوس. و اقصد وادی طوی بقلب منجذب الی العلی تجد الهدایة الکبری علی النار الموقدة فی الشجرة المبارکة الناطقة فی طور سیناء. و أخرج یدا بیضاء تتلألأ بالأنوار بین ملأ الأخیار. لعمرک أیها النحریر لمثلک الناقد البصیر یلیق العروج الی أعلی فلک البروج. فاخلع هذا الثوب البالی الرثیث و البس حلل التقدیس و انشر أجنحة العرفان و اقصد ملکوت الرحمن و اسمع ألحان طیور القدس فی أعلی فروع السدرة المنتهی لعمرک تحیی العظم الرمیم و تشفی صدورا انشرحت لمحبة الله و لها حظ عظیم. دع الحیاة
الدنیا و شؤونها التی تؤول الی الفناء. و ربک الأعلی انها أحلام بل أوهام عند أولی النهی. انما الحیاة حیاة الروح متحلیا بالفضائل التی توقد و تضیء مصباحها فی ملکوت الانشاء. و لله المثل الأعلی فان شئت حیاة طیبة فانثر بذر الکمة فی أرض طیبة طاهرة تنبت لک فی کل حبة سبع سنابل خضر مبارکة و ان قصدت البنیان فی صقع الامکان فانشأ صرحا مجیدا مشید الأرکان أصله ثابت فی النقطة الجاذبة الوسطی فی الحضیض الأدنی و أعلی غرفاتها فی أوج الأثیر الأسمی و اشرب رحیق المعانی من الکأس الأنیق فی الرفیق الأعلی مرکز دائرة الموهبة العظمی. و قطب فلک المنحة الکبری و مشرق الهدی و مطلع أنوار ربک الأعلی. قسما بشوقی الیک ما دعانی لبث هذا الحدیث الا جذبة حبک و شدة و لائک و شغف و دادک و اختر لنفسک أعظم آمالی التی قصرت یدی عن نوالها و لا تؤاخذنی فی کشف الغطاء عن وجه عطاء ربک «و ما کان عطاء ربک محظورا» و انظر نظرة ممعن فی القرون الأولی و شؤونها و آثارها و أطوارها و أعیانها و ما طرأت فیها من عجائب أحوالها و غرائب أسرارها و اختلاف مشارب رجالها و تفاوت أذواق أعلامها. فان أخبار الأسلاف تذکرة و عبرة للأخلاف. ثم اختر لنفسک ماشئت فعلیک بثبات أمتن بنیانا و أجلی تبیانا و أعظم برهانا و أقوی سلطانا و أظهر نورا و أکمل و أتم حبورا و أحلی رزقا و أشد شوقا و أسرع علاجا و أقوم منهاجا و أنور سراجا و أعظم موهبة و أکمل منحة بل أقوی قوة حیاة و روح نجاة لجسد الامکان لعمرک کل من علیها فان و یبقی وجه ربک ذوالجلال و الاکرام. ان استطعت أن تظل فی ظل الوجه أمنت الفناء و حظیت بالبقاء و تلألأت فی الأفق المبین بنور أضاء منه ملکوت السموات و الأرضین.
و ینطوی بساط القبول و یمتد فراش الخمول. و لا تذر السیول الا الطلول. و یهوی المترفون من القصور الی القبور و تأخذهم السکرات. و تشتد بهم الحسرات. ولات حین مناص. و لا تسمع لهم صوتا الا رکزا. فأما الزبد فیذهب جفاء. و أما ما ینفع الناس فیمکث فی الأرض «فی الذاهبین الأولین من القرون لنا بصائر«.
و ان کنت أیدک الله فی الرأی السدید و الحذق الشدید تفکر فیما تعود به هذه الملة البیضاء الی نشئتها الأولی و منزلتها السامیة العلیا. قسما بعاقد لوائها و شمس ضحاها و نور هداها و مؤسس بنیانها لیس لها الا قوة ملکوتیة الهیة تجدد قمیصها الرثیث و تنب عرقها الأثیث و تنقذها من حضیض سقوطها و هاء هبوطها الی میم مرکزها و أوج معراجها. ألا هی لها ألا هی لها هی لها و السلام علی من اتبع الهدی.