یؤکد البهائیون بشدة علی ضرورة نزع السلاح بصورة شاملة، فهم قد حرموا الجهاد و حظروا حمل السلاح حتی للدفاع عن النفس، و قد استثنوا فی بعض الحالات مایلزم الدولة من سلاح لحمایة الأمن الداخلی.
و أننا نحد الیوم الکثیر من زعماء الغرب ممن یحمل الفکرة ذاتها و یدعو الیها.
هذا فی حین یتوسل بعضهم بالسلاح النووی لاقامة الحکومة العالمیة و فرضها علی شعوب الأرض، کبرتراند راسل حامل جائزة نوبل للسلام، و طائفة من الانجیلیین التربیریین فی الولایات المتحدة الأمریکیة.
بل حتی البهائیین نجد فی کتبهم بعض التلمیحات من هذا القبیل.
قد یکون مفهوما لو أن المسیحیة دعت الی نزع السلاح، فهی لیست ذات مشروع سیاسی.
أما البهائیة التی تخطط لاقامة حکومة عالمیة تنمحی فیها القومیات و الأدیان و اللغات و المشاعر الوطنیة و الأحزاب السیاسیة، و تغدو فیها الثروات الطبیعیة ملکا مشاعا لأمم الأرض کافة، و تستباح فیها المصالح الاقتصادیة الوطنیة عن طریق فتح الحدود کلیا للتجارة الدولیة.. تلک الحکومة التی یعلن دعاتها علی الملأ أنهم لا یتورعون عن شن حرب نوویة أو حرب عالمیة، أو ما یسمونه بمعرکة هرمجدون، لاقامتها. فان دعوتهم لنزع السلاح تغدو واضحة الخبث و المکر.
و لعل فی أقوال الحاخام جوهاشیم برنز التی سبقت الاشارة الیها (ص 58) ما یفسر الدعوة البهائیة الی التخلی عن السلاح.
لقد قال الرئیس الفرنسی جورج بومبیدو یوما: «ان المجتمعات التی لا تدافع عن
نفسها لا یمکن أن تعیش، أو بالأحری لیست جدیرة بالحیاء» (1).
ثم اذا أمکن بالفعل نزع أسلحة شعوب الأرض کافة (مع أننا نشک فی أن یکون المقصود هو الکافة فعلا(، فلم تعد هناک امکانیة لشن حرب عسکریة، فما القول فی الحرب الاقتصادیة التی وصفها أحد الخبراء بأنها أخطر من التحدی الذری (2) و ما القول فی السلطة الاعلامیة التی وصفها برتراند راسل بأنها خطیرة کالسلطة العسکریة و السلطة الاقتصادیة تماما (3) و کیف یمکن لشعوب لا تملک ما تمتلکه الولایات المتحدة من قوة اقتصادیة و اعلامیة أن تحتفظ بوجودها حتی اذا نزعت الولایات المتحدة سلاحها.
ان الترویج لنزغ السلاح الشامل من جانب صانعی أسلحة الدمار الشامل، الذین قصفوا المدن الآمنة بالقنابل الذریة، و الذین ما زالوا حتی الیوم یفتکون بشعوب الأرض بوسائل أخری، یجعل الدعوة البهائیة الی نزع السلاح مفضوحة الغایات.
و مما یلفت النظر أن البهائیین حظروا الدعوة الی مبادئهم فی فلسطین التی کانوا یعتبرونها وطنا قومیا للیهود، فلابد أنهم یقصدون الی أن الدعوة الی نزع السلاح الشامل لا تشمل اسرائیل، و انما تشمل کل ما عداها.
یقول عبدالبهاء عباس فی أحد مکاتبیه: «ان الجمال المبارک (یقصد والده بهاءالله) حرم الدعایة و التبلیغ فی هذه الدیار (یقصد فلسطین) و المقصود من ذلک أن الأحباء یقضون أیامهم فی السکوت التام، و ان سألهم أحد عن البهائیة یجب علیهم أن یتجاهلوا کلیا» (4).
1) »الحروب و الحضارات«، ترجمة أحمد عبدالکریم، ص 450.
2) العبارة لجان غیتون عضو الأکادیمیة الفرنسیة، من کتاب «الحروب و الحضارات«، المرجع السابق، ص 17.
3) »برتراند راسل یتحدث عن مشاکل العصر«، ص 142.
4) »مکاتیب عبدالبهاء«، ص 327، ج 2، فارسی – «البابیة«، لاحسان الهی ظهیر، ص 30.