جستجو
این کادر جستجو را ببندید.

برتراند راسل و اقتصاد الحکومة العالمیة

زمان مطالعه: 4 دقیقه

یقول برتراند راسل:

»ان أهمیة السلطة الاقتصادیة عظیمة جدا فی الواقع، ولکنها لیست الا شکلا واحدا من أشکال السلطة، و لا أستطیع أن أقول أنها أکثر أهمیة من السلطة العسکریة أو أکثر أهمیة من قوة الدعایة» (1).

و حین سئل عما اذا کان یعتقد بوجوب الحد من السلطة الاقتصادیة، أجاب:

»أعتقد بوجوب الحد من کل أنواع السلطة، و خاصة السلطة التی تستطیع بها اجاعة أقطار کبیرة» (2).

و یبرر ذلک بالقول:

»فحب السلطة یدفع الملیونیر العظیم، الذی یملک من المال أکثر مما یستطیع انفاقه، الی الاستمرار فی جمع الثروة لیسیطر أکثر فأکثر علی ایرادات العالم» (3).

یوضح اللورد راسل برنامجه الاقتصادی للحکومة العالمیة، فیقول:

»و النظام الاقتصادی الذی نرجو أن نراه فی أقرب وقت هو ذلک الذی تکون فیه الدولة المتسلم الوحید للأجر الاقتصادی، علی حین یحل محل الرأسمالیة الخاصة أو الفردیة الحکم الذاتی للهیئات التی تتکون من الذین یقومون بالعمل نفسه حقیقة» (4).

و فی مجال آخر یقول:

»و النظام الدیمقراطی الحقیقی، هو الذی یعهد بادارة السلک الحدیدیة الی الأفراد الذین یعملون بها، و هؤلاء ینتخبون المدیر العام، و مجلسا للمدیرین اذا کان ذلک ضروریا… و النقابات البریطانیة علی ما یخیل الی، قد ضلت و أخطأت فی نظرها الی الرأسمالیة و العمال علی أنهما قوتان دائمتان ینبغی عن طریق تنظیم العمال المساواة بینهما فی القوة، و هذا الرأی ساذج و بسیط. أما المثال الذی أرغب فی ذکره فیتضمن قهر الدیمقراطیة، و یتضمن کذلک الحکم الذاتی فی المجال الاقتصادی، کما جری ذلک علی الصعید السیاسی، و انتزاع السلطة الموجودة فی أیدی الرأسمالیین. فالانسان الذی یعمل فی السلک الحدیدیة، یجب أن یکون له صوت فی حکومة السکک الحدیدیة، تماما کما للانسان الذی یشتغل فی الدولة حق التصویت فی ادارة دولته. و ترکیز المبادرة العملیة فی أیدی أصحاب الأعمال شر مستطیر یحرم العمال من مشارکتهم المشروعة

بالاهتمام بالمشکلات الکبری لحرفهم» (5).

و فی مجال الملکیة یری اللورد راسل:

»علی الدولة أن تتثبت من أن الأرض التی یشغلها الفرد لا تزید عن الخدمة العامة التی یؤدیها للمجتمع، و أن نصیبه من انتاج الأرض لا یزید عن مکافأة عادلة علی أعماله. و ربما کانت الطریقة الوحیدة لتحقیق هذه الأهداف هی ملکیة الدولة للأرض، لأن بمقدور الملاک و أصحاب رؤوس الأموال بواسطة الضغط الاقتصادی استغلال هذه القوة ضد من لا یملک شیئا» (6).

»لیست هناک عدالة فی الملکیة الخاصة للمواد الأولیة الجوهریة و أعتقد أن علینا أن ندرج فی قائمة الملکیة الخاصة غیر المرغوب فیها، لیس ملکیة المواد الأولیة الجوهریة من قبل الأفراد أو الشرکات، و انما من قبل الدول أیضا. ان المواد الأولیة التی لا یمکن للصناعة أن تمضی بدونها یجب أن تمتلکها سلطة دولیة. و تمنح الی دول منفصلة بما یتناسب مع مبدأی العدالة و الحاجة لاستخدامها. و الدول التی لیست لدیها هذه الحاجة یجب أن تقدم لها المساعدة لکی تستخدمها» (7).

»و لا یمکن الدفاع عن الملکیة الخاصة للأراضی و رأس المال علی أنها وسیلة اقتصادیة لامداد المجتمع بما یحتاج الیه، ولکن الاعتراضات الرئیسیة علی ذلک هی أنها تعیق حیاة الرجال و النساء و تغرس الغریزة التملکیة القاسیة فی نفوسهم، و تقود الناس الی شغل جزء کبیر من تفکیرهم و وقتهم بالحصول علی السلع المادیة المحضة، فتضع بذلک عقبة ضخمة أمام تقدم الحضارة و النشاط الابداعی.. و یجب ألا یکون الاقتراب من نظام خال من هذه الشرور جمیعا فجائیا، بل علینا أن نتقدم خطوة فخطوة نحو الحریة الاقتصادیة و الادارة الذاتیة للصناعة، و لیس هناک فی الواقع أیة صعوبة خارجیة فی خلق نوع المؤسسات التی کنا نفکر فیها، فلو أن العمال المنظمین رغبوا فی ایجادها لما استطاع شی‏ء أن یعترض سبیلهم» (8).

و هکذا، یبدو اللورد راسل عاملا أکثر من العمال، لا یرتضی لهم ما یرتضونه لأنفسهم، و یبدو اشتراکیا أکثر من الاشتراکیین. و هو مع کل هذه القیود التی یضعها علی حق الملکیة و علی ادارة المشروعات الاقتصادیة، فانه یرید تجارة عالمیة حرة، خالیة من أیة قیود و من أیة رسوم جمرکیة. فهو یقول:

»و قد تتنازع الدول علی ثلاثة أمور اقتصادیة رئیسیة: التعرفات الجمرکیة، و هی وهم. استغلال الأجناس الأقل شأنا، و هو جریمة. و الفخر و الاعتزاز بالقوة و التملک، و هی حماقات طفل صغیر. أما بصدد الضرائب، فالجدل حولها مألوف، و لن أردده. و السبب الوحید الذی یجعل هذا الجدل غیر مقنع، هو وجود العداوة بین الأمم. فلن یقترح امرؤ وضع تعرفة جمرکیة بین انکترا و اسکتلندا أو بین لانکشیر و یورکشیر. و مع ذلک فان الحجج التی تدعم التعرفات بین الأمم، هی بعینها الحجج التی یمکن استغلالها لفرض تعرفات بین مدن الأمة الواحدة. فمن البدیهیات أن تصبح التجارة الحرة العالمیة ذات فائدة للجنس البشری، و سنتبناها غدا اذا لم توجد البغضاء و الریبة بین الأمم، و حول ضمان السلام العالمی نجد أن حریة التجارة بین الدول المتحضرة لیست علی درجة من الأهمیة مثل تجارة الباب المفتوح فی ملحقاتها فالرغبة فی فتح الأسواق الکبیرة من الأسباب الکامنة للحرب (9)… فمفهوم التجارة الذی فرضه علینا المنتجون الذین یخافون المنافسة الأجنبیة بالشرکات و الاحتکارات و بالاقتصادیین المسممین بداء الوطنیة.. هذا النظام فی جملته نظام باطل تماما» (10).

و هکذا، فاذ یری اللورد راسل أن الرغبة فی فتح الأسواق الکبیرة من الأسباب الکامنة للحرب، فانه یرید لهذه الأسواق أن تفتح أبوابها بدون حرب. فهو هنا یخشی الحرب، أو هو فی الحقیقة یهدد بالحرب، لحمل الأمم علی فتح أبوابها أمام تجارة سلطته العالمیة. و هذا التفسیر أکثر انسجاما مع موقفه من شن الحرب النوویة لاقامة الحکومة العالمیة.

و یتابع اللورد راسل برنامجه الاقتصادی، فیدعو الی زیادة أوقات الفراغ و یقول

أنه: «یجب السماح لکل من یریدون ذلک، العمل ساعات قلیلة و بأجر قلیل، لیکرسوا فراغهم لأی اتجاه آخر یجتذب اهتمامهم. و لا شک أن الأکثریة التی تختار هذا الطریق ستقضی أوقاتها فی المتعة المطلقة، کما یقول معظم أغنیائنا فی الوقت الحاضر» (11) و تذکرنا هذه العبارة، بعبارة مشابهة وردت فی بروتوکولات حکماء صهیون تقول: «ولکی نخرب صناعة الأممیین و نساعد المضاربات سنشجع حب الترف المطلق الذی نشرناه من قبل» (12) و عبارة أخری تقول: «ولکی نبعدها (الجماهیر) عن أن تکشف بأنفسها أی خط عمل جدید، سنلهیها أیضا بأنواع شتی من الملاهی و الألعاب و مزجیات الفراغ و المجامع العامة و هلم جرا» (13).


1) »برتراند راسل یتحدث عن مشکل العصر«، ص 142.

2) »برتراند راسل یتحدث عن مشاکل العصر«، ص 143.

3) »مثل علیا سیاسیة«، برتراند راسل، ص 43.

4) المرجع السابق، ص 31.

5) »مثل علیا سیاسیة«، برتراند راسل، ص 47 – 46.

6) »مثل علیا سیاسیة«، برتراند راسل، ص 62.

7) »هل للانسان مستقبل» ص 150.

8) »مثل علیا سیاسیة«، برتراند راسل، ص 35.

9) »مثل علیا سیاسیة«، برتراند راسل، ص 71.

10) المرجع السابق، ص 73.

11) »مثل علیا سیاسیة» برتراند راسل، ص 30.

12) البروتوکول السادس.

13) البروتوکول الثالث عشر.