لیس من شک فی أن القرآن الکریم قد کرم المرأة؛ فقال الله تعالی فی کتابه الکریم «و لهن مثل الذی* علیهن بالمعروف» (1) و قال الرسول الخاتم علیه* أفضل الصلاة و أزکی السلام: «النساء شقائق الرجال» رواه مسلم. و الاسلام الدین الذی أتم الله تعالی به نعمه علینا و أکمل لنا به الدین، و رضیه جل شأنه لنا دینا؛ منح المرأة مکانة من أکرم ما یمکن أن تمنح؛ و ما لم تمنحها ایاه عقیدة سماویة أو «ایدیولوجیة» أرضیة. قال رسول الله صلی الله علیه و سلم حینما سأله سائل: «یا رسول الله من أحق بحسن صحبتی؟ قال: أمک، قال: ثم من؟ قال: أمک، قال: ثم من؟ قال أمک، قال ثم من؟ قال: أبوک» رواه البخاری و مسلم، و قال علیه أزکی السلام: «الجنة تحت أقدام الأمهات» رواه احمد و النسائی و البیهقی فی شعب الایمان، و قال صلی الله علیه و سلم: «خیرکم خیرکم لنسائکم» و روایة أخری تقول «لأهله» «أخرجه الترمذی و الدارمی و ابن ماجه«.
فالدین الکامل؛ الذی سبق الأدیان السماویة و العقائد الأرضیة فی تقریر حقوق الانسان؛ هو الدین الاسلامی الذی کرم المرأة؛ و لم یجعلها أدنی من الرجل؛ بل جعل النساء شقائق الرجال فی الاحترام و الحقوق و غیر ذلک. بل ان القرآن الکریم لم یفرق بین الرجال و شقائقهم من النساء فی الدعوة و الاعلام الاسلامی؛ فالنساء مسئولات بنفس درجة المسئولیة مع الرجال عن الدعوة و التبلیغ. یقول الله تبارک و تعالی: «و المؤمنون و المؤمنات بعضهم أولیاء بعض یأمرون بالمعروف و ینهون عن المنکر» (2) صدق الله العظیم.
و للنساء نصیب فی الأجر و الثواب؛ بتقریر القرآن الکریم. یقول الله تبارک و تعالی: «ان المسلمین و المسلمات و المؤمنین و المؤمنات و القانتین و القانتات و الصادقین و الصادقات و الصابرین و الصابرات و الخاشعین و الخاشعات و المتصدقین و المتصدقات و الصائمین و الصائمات و الحافظین فروجهم و الحافظات و الذاکرین الله کثیرا و الذاکرات أعد الله لهم مغفرة و أجرا عظیما» (3).
ذلک أن مکان المرأة فی الاسلام: لیس مکانا مقررا باعتبارها امرأة فحسب؛ و لکن باعتبارها «انسانا» کرمه الله تعالی؛ و تبارک أحسن الخالقین: و أهمیة البحث هنا اذن؛ حول المرأة المسلمة فی مواجهة البهائیة؛ ترتکز علی مکان الانسان فی العقیدة الحق؛ و الدعایة المزیقة التی یروج لها البهائیون حول مساواة النساء بالرجال؛ و هی الفکرة التی تدعیها الدعایة البهائیة للترویج لها بین النساء خاصة؛ و الشباب من الجنسین عامة؛ لأن البهائیة لا تخاطب «العقل» و لکنها تخاطب «الغرائز«؛ و لذلک رکزت الدعایة البهائیة علی هذه الفکرة فی اطار «مبادئها» الاساسیة التی تروج لها فی کل مکان. فنحن تقرأ فی کتاب
»بهاء الله و العصر الجدید» «ان احدی الأنظمة الاجتماعیة التی جعل بهاء الله بهاء أهمیة عظیمة هی مساواة النساء بالرجال» (4).
و یعتبر البهائیون هذا المبدأ من أعظم مبادئهم؛ و یکثرون من الترویج له بین الناس. و فی الوقت الذی یستخدم البهائیون «الشعارات البراقة» التی تحمل مضمونا عکسیا مثل شعار (المساواة بین النساء و الرجال(. فانهم یحملون من التناقضات التی تکشف عن تخبط کثیر؛ ما یجعلنا تربط بین البهائیة و بین عقوبة الفطرة؛ و نقوم بحق دیننا الحنیف فی کشف المخططات التی لا تستهدف هدم الکیان الاسلامی فحسب، و انما تستهدف هدم الکیان الانسانی العام؛ لصالح حکماء صهیون.
فاذا کان کل اجتماع انسانی یتجه الی غایة رابطة؛ و تتضافر الجهود کلها للوصول الی هذه الغایة؛ فان غایة هذا الکتاب هی الغایة الانسانیة العالیة غایة فعل الخیر و تجنب الشر الذی تروج له البهائیة و المذاهب الهدامة فی الشرق و الغرب؛ مستهدفة المرأة و الکیان الأسری فی صمیمه.
و الواجب علی کل امرأة مسلمة و غیر مسلمة أن تواجه هذه الشر الصهیونی المنبع البهائی الشکل؛ حفظا للنفس و العقل و النسل و الدین و المال. و هی الأمور التی بنیت علیها الدنیا؛ و لذلک وجب علی کل مجتمع فاضل أن یجعل غایته المحافظة علیها، و دفع الآفات الاجتماعیة – مثل البهائیة – التی تحاول أن تعرض مصلحة من هذه المصالح للضرر؛ و نهتدی فی منهج هذا الکتاب بحرص الشرع الاسلامی علی أمرین أساسیین:
اولهما: جلب المنفعة لأکبر عدد ممکن من المجتمع.
ثانیهما: دفع الضرر؛ و قرر الشرع الاسلام أن دفع الضرر مقدم علی جلب
المنفعة اذا تساوت المنفعة مع الضرر، أو لم یکن تفاوت واضح بینهما، و الضرر البهائی یکمن فی تستره وراء دعایة براقة؛ یخدع بها ذوات النیات الحسنة؛ و من أجل هؤلاء و اولئک أقدمنا علی تألیف هذا الکتاب عن المرأة المسلمة فی مواجهة البهائیة؛ حتی تواصل دورها فی تکوین الأجیال الانسانیة التی تصنع الحضارة؛ و تحقق کلمة الله علی الأرض.
و لقد اقتضانا المنهج العلمی فی هذا الکتاب أن نقسمه الی سبعة فصول: فخصصنا الفصل الاول لدراسة النظرات الهدامة للمرأة و التی ارتبطت بعقوبة الفطرة؛ و لا سیما فی البهائیة. أما الفصل الثانی فقد ترکز حول دراسة اکذوبة المساواة بین الرجال و النساء کما تروج لها البهائیة فی دعایتها لاستهواء الناس؛ و بینا المعنی الحقیقی للمساواة فی القرآن الکریم، و دحض أکاذیب البهائیة.
و خصصنا الفصل الثالث لدراسة طبیعة المرأة؛ فی ضوء اکتشافات العلم و بحوث العلماء؛ و واجهنا البهائیة بها لکشف أکاذیبها حول المرأة؛ و قدمنا عددا من الشهادات الهامة التی تؤید ما نذهب الیه.
و جاء الفصل الرابع بعنوان «المرأة و دین الفطرة» لتتعرف فیه علی سبیل الخلاص للانسانیة؛ کما یحدد منهجه القرآن الکریم. و ناقشنا مزاعم البهائیة و المبشرین حول المرأة المسلمة؛ و قدمنا شهادات لکبار المفکرین الاوربیین المنصفین، فی مقدمتهم جارودی.
و یکشف الفصل الخامس عن ارتباط البهائیة بالصهیونیة و محاولاتها لتنفیذ مخططات حکمائها فی تدمیر الحیاة الاسریة للأممیین (غیر الیهود(.
أما الفصل السادس فیکشف عن اباحة المحرمات فی البهائیة کوسیلة من وسائل هدم الکیان الاجتماعی الانسانی.
و ناقشنا فی الفصل الأخیر قضیة تعدد الزوجات و حکمة الاسلام فیها؛ مفتدین
ما تدعیه البهائیة من أکاذیب یناقض بعضها بعضا.
و جاءت خاتمة الکتاب لتبین مکانة المرأة فی القرآن الکریم و کیف کرمها الله سبحانه و تعالی أفضل تکریم.
و نرجو أن نکون قد وفقنا فی هذا البحث؛ و الذی حاولنا فیه أن نلتزم بالمنهج العلمی قدر المستطاع؛ و نسأل الله التوفیق، فجل من لا یخطیء تحیزا أو قصورا فی عالم البشر.
1) سورة البقرة، الآیة 228.
2) سورة التوبة، الآیة 71.
3) سورة الاحزاب، الآیة 35.
4) بهاء الله و العصر الجدید، ص 48.